رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

الأزهر ينتفض بعد حملة الهجوم على مشروعه لقانون الأحوال الشخصية.. هدفنا استقرار الأسرة ونرفض المزايدة.. المقترح شارك فيه كافة المتخصصين.. والانتقاد استباق للأحداث والمناقشة الهادئة

قسم : ملفات
الإثنين, 18 نوفمبر 2019 10:21

حالة من الجدل الواسع شهدها المجتمع المصري الأيام الماضية، كانت ساحتها تحت قبة البرلمان وعلى القنوات الفضائية، وذلك بسبب إعلان الأزهر الشريف عن البنود الخاصة بمشروع قانون الأحوال الشخصية، الذي انتهى منه وتم إرساله إلى مجلس الوزراء، الذي بدوره أحال القانون إلى مجلس النواب لمناقشته وإقراره.

انتقاد
وفور إعلان المشيخة نصوص القانون بدأت أسهم الانتقاد توجه إليه سواء من أعضاء البرلمان أو من قبل المهتمين بالأحوال المدنية في المجتمع المصري، وتعددت أسباب الهجوم على الأزهر بعد إعلانه للقانون، وذلك بحسب المنصب الذي يشغله أصحاب الهجوم فبعض أعضاء البرلمان ينكرون على الأزهر فكرة إرسالة مقترح للقانون، ويرون أنه نحى القوانين التي أرسلت له من قبل بعض النواب لإبداء الرأي الشرعي بها وبادر من تلقاء نفسه بإعداد قانون جديد، في المقابل أكدت بعض القيادات النسائية والمهتمين بقوانين الأحوال المدنية أن القانون ظلم المرأة في أمور عدة، ولم يراع عملية التوافق في المصالح بين أفراد الأسرة، والبعض الآخر رأي أن الأزهر أدخل نفسه في دائرة قد تتسبب له في بعض المشكلات، وأنه كان من الأفضل له أن ينأى بنفسه عن الدخول في صراع مع الأطراف التي لها علاقة بالقانون.

الأمور الدينية
في البداية قال الدكتور أحمد معبد عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف: إن الأصل في قانون الأحوال الشخصية أنه يتعرض لمسائل خاصة بالأمور الدينية في الزواج، مشيرًا إلى أنه تم إرسال التصور إلى مجلس النواب، مؤكدًا أنه في حالة الأخذ بالقانون سيكون هناك تغيير في طريقة التقاضي وأخذ الأحكام المتعلقة بتنظيم الأسرة، خاصة وأن تلك المواد بها إنصاف للمرأة، وكل ما يمكن أن يكون إنسانيا من الأنظمة، وأن القانون ليس له علاقة بالسياسة، وإنما هو يتصدى للقضايا الدينية بين الزوجين.

وأضاف "معبد" أنه تم الاستعانة بالمتخصصين في شتى المجالات مثل القضاة الذين يحكمون في قضايا الأحوال الشخصية ومحامين، بحيث كانت تعرض عليهم مواد القانون في حضور أعضاء هيئة كبار العلماء، بجانب مشاركة أعضاء من المجلس القومي للمرأة، كاشفًا أن فضيلة الإمام الأكبر حينما طلب إشراك عضوات من المجلس لحضور جلسات النقاش طالب بأن يكون هؤلاء الأعضاء من المخالفين لرأي الأزهر في الأحوال الشخصية، بحيث يكون هناك عرض للرأي والرأي الآخر، وأنه يمكن القول بأن هذا القانون ليس قانون الأزهر وحده وإنما هو قانون المجتمع بشكل عام.

استباق للأحداث
وأوضح عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أن الجدل المثار حول القانون مؤخرًا هو من باب استباق الأحداث، لأن مشروع القانون ما زال مطروحًا على البرلمان لمناقشته، والضجة المثارة حاليا هي من باب التكهنات وفتح صراعات إعلامية، خاصة وأن الأصوات المهاجمة للمشروع من البرلمان والمؤسسات الأخرى ليست طرفًا في هذا الأمر، كما أنهم ليسوا أعضاء في لجنة إعداد القانون، مشددًا أنه على الجميع أن يعرف أن الأزهر قام بدوره في هذا الشأن، كما أنه حرص على الاستعانة بخبراء وجهات مختصة، ولم يترك أي جهة لها علاقة بالأحوال الشخصية إلا وتواصل معها من أجل النقاش حول بنود القانون.

وفي سياق متصل أكد الدكتور محمود مهنا عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، وأحد المشاركين في صياغة مواد القانون، أن مشروع القانون الذي تقدم به الأزهر إلى مجلس النواب يعمل على حل الكثير من المشكلات التي تواجهها الأسر المصرية، كما عمل على التأصيل للكثير من القضايا التي تشغل الأسر المصرية مثل الحضانة والقوامة وغيرها من القضايا التي تمثل حجر الأساس في بناء الأسر، مشيرًا إلى أن شيخ الأزهر أقر بأننا لسنا جهة تشريع، وفى حالة إحالة بعض القوانين أو القرارات لابد من دراستها من الناحية الشرعية.

مشاركة واسعة
وأضاف "مهنا" :" اللجان التي أشرفت على وضع القانون لم تقتصر على رجال الدين فقط، وإنما شملت أيضًا علماء في كافة التخصصات سواء علم الاجتماع أو الاقتصاد وحتى الأطباء لمعرفة رأيهم في بعض المسائل، وهناك بعض العناصر داخل البرلمان تريد الدخول في صراع مع الأزهر الشريف، مع العلم أن الأزهر تاريخه معروف قبل هؤلاء البرلمانيين بمئات السنين، وأدعو الأعضاء المعترضين لدراسة تاريخ الأزهر ومواقف شيوخه.

من جانبه قال الدكتور عبدالمنعم فؤاد، المشرف على الأروقة بالأزهر الشريف: إن الأزهر لم يشرع أو يسن قوانين جديدة، لأنه ليس جهة تشريع، وإنما الأمر في حقيقته أن الأزهر طُلب منه تقديم مقترح لقانون الأحوال الشخصية عن طريق الأمين العام لمجلس الوزراء، والذي أرسله في بداية الأمر إلى وزارة الأوقاف، والتي بدورها أرسلته إلى شيخ الأزهر الشريف، وبدوره شكل الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر لجنة لإعداد المقترح، وفور الانتهاء منه تم إرساله ليس إلى مجلس النواب وإنما مجلس الوزراء، والذي بدوره أرسله إلى مجلس النواب لمناقشته.

وأشار إلى أن بعض النواب وعلى رأسهم محمد أبوحامد هاجموا الأزهر بحجة أنه عطل العمل البرلماني لمدة ثلاث سنوات، وهذا الكلام غير صحيح بالمرة، لأن الخطاب الموجه من البرلمان للمشيخة بتقديم المقترح كان في شهر فبراير الماضي فقط وليس منذ ثلاث سنوات، لافتا إلى أن "أبوحامد" هاجم الأزهر من خلال بعض القنوات الفضائية غير المصرية، وليس تحت قبة البرلمان، وكان عليه أن يناقشه أمام مجلس النواب أو القنوات الفضائية المصرية.

الميراث
وعن تساؤل البعض حول عدم تصدي الأزهر لإصدار تشريع يجرم حرمان المرأة من ميراثها، على خلفية أنه ينتصر للمرأة وقضاياها، أكد "فؤاد" أن الأزهر قال قولته في الميراث، ورفضنا الأصوات التي تقول إن الميراث يخضع لقوانين العقل، ومطالبتنا بأن نكون مثل تونس، وأكدنا أن أحكام الميراث هي أحكام قطعية الثبوت والدلالة، ويجب أن يعطى كل ذي حق حقه، فالذي يقول إن الأزهر لم يتصد لقضية الميراث لا يقرأ ولا يتابع بيانات الأزهر الشريف.

وتساءل، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر قائلا:" إذا لم يقترح الأزهر في الأمور التي تخص العقيدة والأمور الأسرية، "فمن الذي يقترح؟"، مؤكدًا أن الأزهر حينما يتصدى لهذه الأمور فإنه يتكلم بما يرضى الله وشرعه، موضحًا أن الأزهر ليس في عداوة مع أحد، وإنما يهمه المصلحة العامة للبلاد، والحفاظ على الشريعة الإسلامية، وكذلك الحفاظ على الأسرة لأنه لو استقرت استقر المجتمع كله، موجها رسالة إلى مهاجمي المشيخة قائلًا: " اتقوا الله في الأزهر فإن رأيه يؤخذ به في البلاد الإسلامية كلها ولا يليق بالبعض أن يخرج ويقول ليس من حق الأزهر أن يقترح".

تصدي للهجوم
في السياق ذاته.. تحرك الأزهر سريعًا في محاولة منه لمجابهة هذه حملة الهجوم الغاشمة التي تستهدفه والرد عليها لإيضاح وجهة نظره في طرحه للقانون، وبدأ الأزهر في إعداد أدوات الدفاع عن موقفه وتوضيح رؤيتة للرأي العام، في موقف يراه البعض تغييرا في سياسة المشيخة في التعامل مع حملات الهجوم التي تشن عليها بين الحين والآخر.

فالمتابع لنشاط المؤسسة يدرك أنها في الغالب تلتزم حالة من الصمت ضد أي حملات هجوم، استنادا إلى عوامل كثيرة منها ثقة المؤسسة في الصورة الذهنية المتكونة لدى رجل الشارع البسيط، والإيقان بأن أي محاولة تشويش على صورتها أمام الرأي العام ستبوء بالفشل، لكن في هذه المرة طور الأزهر نوعا ما من أساليب دفاعه عن موقفه، وحاول خلال الأيام الماضية شغل مساحة من الرأي العام لشرح فلسفته في إعداد القانون.

وبحسب مراقبين فإن تغير موقف المشيخة هذه المرة ينبع من عدة دوافع، أهمها أن الأمر ليس له علاقة بشخص شيخ الأزهر أو نهج الأزهر كما هو معتاد في كل مرة تتعرض المشيخة للهجوم، كما أن الأمر متعلق بقانون الأحوال الشخصية الذي يمس بشكل أو بآخر كل البيوت المصرية.

ويتطلع الجميع لخروج القانون لحسم كثير من الأمور والإشكاليات التي يعاني منها شريحة ليست بقليلة من المجتمع المصري، كما أن الأزهر وفي خطوة ذكية منه لم يترك لأعضاء هيئة كبار العلماء به عملية صياغة البنود المتعلقة بالقانون، بل عمد إلى إشراك العديد من المتخصصين، وكل من له علاقة بالأحوال الشخصية سواء كانوا قضاة ومستشارين يحكمون في قضايا الأحوال الشخصية، أو بعض أعضاء المجلس القومي للمرأة، حيث طلب شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب أن يكون هؤلاء الأعضاء من الذين يحملون آراء تختلف عن رأي الأزهر الشريف حتى يكون هناك عرض لوجهات النظر المختلفة، بالإضافة إلى إشراك عناصر أخرى من الأطباء ورجال الاقتصاد وغيرهم ممن لهم علاقة بالأحوال الشخصية، بحيث يخرج القانون بشكل يمكن تسميته بـالتوافقي، بالإضافة إلى أن الأزهر يعلم أن القانون يختص بمناقشة مصالح متعارضة بين أفراد الأسرة الواحدة، وأنه مهما حاول تقريب وجهات النظر بين الأطراف، فسيكون هناك حالة عدم رضا من قبل طرف على حساب الآخر.
 

Rochen Web Hosting