رئيس مجلس الادارة
رئيس التحرير
ميرفت السيد
ترخيص المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام رقم 2022/31

وأنت أفكار كتابى

قسم : مقالات
الإثنين, 18 أكتوبر 2021 21:55

أغمض عينىّ فأراك فأكتب وتسبقنى الكلمات وأسماؤك وصفاتك وضحكاتك ونظرات عتابك ولمسات تشجيعك وتدليلك وأحداثنا معاً، وأغلق أذنىّ عن ضوضاء العالم وصخبه فأسمع صوتك يحدثنى بما يجب أن أضعه على الأوراق لأعلم الناس كيف تكون الحياة والسعادة والاندماج مع الآخر.

 

وقد تعلمنا فى المجال البحثى أن لكل كتاب محتويات، وأنه يجب أن يقسم إلى فصول وأبواب، وأن تتقدمها فى أولها المحتويات، فإذا كنت من هواة القراءة فسوف تلم بما وضعه الكاتب فى تلك الأوراق، أو على الأقل ستحصل على ملخص له إن تفحصت المحتويات، ومن أجمل المعانى والمشاعر والتجارب الغنية الفضفاضة الراقية الشاملة الممتعة فى الحياة أن تدرك أن المحبوب هو أفكار ومحتويات وفصول وأبواب وملخص ومصادر كتابك، فهو الكلمات وحروف الجر والنصب والرفع وعلامات التنوين، وهو الهمزات والفصلات والوقفات والحكم والمواعظ وأبيات الشعر والأمثال الشعبية وكل ما تستشهد به بين الصفحات لتثبت للقارئ أنك أنت الفكرة والوحى والإلهام.

 

فى الفصل الأول وصفت وأسهبت فى الحديث والحكاوى عن اللقاء الأول الذى رسمه القدر فأبدع وكان كريماً معنا، ووضعت جميع معانى الإعجاب والدهشة والبحث عن فرصة أو وسيلة أو سبب للاقتراب أو الحديث والتعارف، وكانت المشاعر متداخلة متباينة، والعلاقات تبدو وكأنها متشابكة ولا بد من فصلها لتصنيفها وفهمها وتسميتها، وسرعان ما تزاحمت الأفكار وتدافعت لتحتل الصدارة وتعلن عن نفسها وتتشبث بقلمى.

 

وانتقلت لربيعنا معاً، أجمل فصول الحياة وأقصرها عمراً، وخشيت أن أصفه بكل دقة كما كان وكما أحسسنا خوفاً من عيون الفاقدين للحب والأحلام والأمنيات، ولأن التجربة علمتنى أن القلوب يصيبها الحسد وتقتلها نظرات الحرمان والشوق الذى يحرم منه البعض، وحاولت أن أخفى بين كلماتى الكثير وأجعلها تتوارى، إلا أننى فشلت وفوجئت بك أمام العالم تحكى وتتحدث وتنادينى وتدللنى وترسل لى الزهور والحلوى وكأننى طفلتك الصغيرة الوحيدة التى تخشى عليها قسوة الأيام، وتداويها من أى ألم، وتمسح دموعها البراقة كاللؤلؤ، وتضمها لتبعد عنها برد الشتاء والأيام، وتعجبت كيف استطعت، وأنت من لم تمتهن الرسم ولم تمسك طوال حياتك بفرشاة ألوان، أن تجعل الجميع يشاهدوننا معاً، ويتنفسون رائحة وهواء الربيع الذى عشناه؟ وعندما وصلت للفصل الذى آلمنى وأوجعنى وحوَّل قلبى لشظايا وأضاعك منى، فهمت جيداً ما قاله الفيلسوف الألمانى (تيودور أدورنو) إن الإنسان الذى لم يعد لديه وطن تصبح الكتابة مكاناً له ليعيش فيه، فقد وجدتك تتسلل من أيامى وتتحول إلى إبداع، فأحسست بصدق الشاعرة (سعاد الصباح)عندما قالت لحبيبها: اقرأنى ببساطة كما تقرأ الشمس أوراق العشب وكما يقرأ العصفور كتاب الوردة.

 

وحاولت أن أؤكد لك دون أن أقسم إننى أحبك، فوجدت أن كلمات الكاتبة المغربية (فاطمة المرنيس) هى أكبر دليل على صحة مشاعرى عندما كتبت أن هناك ستين لفظاً لقول كلمة أحبك محصاة من قبَل ابن القيم فى كتاب «روضة المحبين».

 

أما الفصل الأخير فلم يكن من الممكن الاستغناء عنه أو إلغاؤه، ورغم قسوته وعدم معقوليته بالنسبة لى، فقد كتبته كما أردت أنت، وتركت الأديبة الرومانسية (أحلام مستغانمى) تحدثك وتؤكد لك أنه ما النسيان سوى قلب صفحة فى كتاب العمر قد يبدو الأمر سهلاً، لكن ما دمت لا تستطيع اقتلاعها ستظل تعثر عليها بين كل فصل من فصول حياتك. وأنت سيدى احتللت جميع الفصول.

 

Rochen Web Hosting